الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: تعليق مختصر على كتاب لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد (نسخة منقحة)
.الموازين: وشرعًا: ما يضعه الله يوم القيامة لوزن أعمال العباد. وقد دل عليه الكتاب، والسنة، وإجماع السلف. قال الله تعالى: {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فِي جَهَنَّمَ خَالِدُونَ}، {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان، سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم» متفق عليه. وأجمع السلف على ثبوت ذلك. وهو ميزان حقيقي، له كفتان، لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب البطاقة قال: «فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة». الحديث رواه الترمذي وابن ماجه. قال الألباني: إسناده صحيح. .واختلف العلماء هل هو ميزان واحد أو متعدد؟ وقال بعضهم: هو ميزان واحد؛ لأنه ورد في الحديث منفردًا، وأما جمعه في القرآن فباعتبار الموزون وكلا الأمرين محتمل. والله أعلم. والذي يوزن العمل، لظاهر الآية السابقة والحديث بعدها. وقيل: صحائف العمل لحديث صاحب البطاقة. وقيل: العامل نفسه لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه ليأتي الرجل العظيم السمين يوم القيامة لا يزن عند الله جناح بعوضة». وقال: اقرأوا: {فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا}. متفق عليه. وجمع بعض العلماء بين هذه النصوص بأن الجميع يوزن، أو أن الوزن حقيقة للصحائف وحيث إنها تثقل وتخف بحسب الأعمال المكتوبة صار الوزن كأنه للأعمال، وأما وزن صاحب العمل فالمراد به قدره وحرمته. وهذا جمع حسن والله أعلم. .نشر الدواوين: وشرعًا: إظهار صحائف الأعمال يوم القيامة وتوزيعها. والدواوين: جمع ديوان وهو لغة: الكتاب يحصى فيه الجند ونحوهم. وشرعًا: الصحائف التي أحصيت فيها الأعمال التي كتبها الملائكة على العامل. فنشر الدواوين إظهار صحائف الأعمال يوم القيامة، فتتطاير إلى الأيمان والشمائل، وهو ثابت بالكتاب، والسنة، وإجماع الأمة. قال الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا وَيَنْقَلِبُ إِلَى أَهْلِهِ مَسْرُورًا وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا وَيَصْلَى سَعِيرًا}. {وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ}. وعن عائشة رضي الله عنها: «أنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم: هل تذكرون أهليكم؟ قال: أما في ثلاثة مواطن فلا يذكر أحد أحدًا: عند الميزان حتى يعلم أيخف ميزانه أم يثقل، وعند تطاير الصحف حتى يعلم أين يقع كتابه في يمينه، أم في شماله، أم وراء ظهره، وعند الصراط إذا وضع بين ظهراني جهنم حتى يجوز». رواه أبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرطهما. وأجمع المسلمون على ثبوت ذلك. .صفة أخذ الكتاب: والكافر يأخذه بشماله، أو من وراء ظهره فيدعو بالويل والثبور ويقول: {يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ}. .الحوض: وشرعًا: حوض الماء النازل من الكوثر في عرصات القيامة للنبي صلى الله عليه وسلم. ودل عليه السنة المتواترة، وأجمع عليه أهل السنة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إني فرطكم على الحوض». متفق عليه. وأجمع السلف أهل السنة على ثبوته، وقد أنكر المعتزلة ثبوت الحوض. ونرد عليهم بأمرين: 1- الأحاديث المتواترة عن الرسول صلى الله عليه وسلم. 2- إجماع أهل السنة على ذلك. .صفة الحوض: وهو موجود الآن لقوله صلى الله عليه وسلم: «وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن» رواه البخاري. واستمداده من الكوثر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «وأعطاني الكوثر وهو نهر في الجنة يسيل في حوض». رواه أحمد. قال ابن كثير: وهو حسن الإسناد والمتن. ولكل نبي حوض، ولكن حوض النبي صلى الله عليه وسلم أكبرها وأعظمها وأكثرها واردة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن لكل نبي حوضًا، وإنهم ليتباهون أيهم أكثر واردة، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم واردة». رواه الترمذي وقال غريب، وروى ذلك ابن أبي الدنيا وابن ماجه من حديث أبي سعيد، وفيه ضعف لكن صححه بعضهم من أجل تعدد الطرق. .الصراط: وشرعًا: الجسر الممدود على جهنم ليعبر الناس عليه إلى الجنة. وهو ثابت بالكتاب، والسنة وقول السلف. قال الله تعالى: {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا}. فسرها عبد الله بن مسعود، وقتادة، وزيد بن أسلم بالمرور على الصراط. وفسرها جماعة، منهم ابن عباس بالدخول في النار لكن ينجون منها. وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ثم يضرب الجسر على جهنم وتحل الشفاعة ويقولون: اللهم سلم سلم» متفق عليه. واتفق أهل السنة على إثباته. .صفة الصراط: .العبور على الصراط وكيفيته: وأول من يعبر الصراط من الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، ومن الأمم أمته؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «فأكون أنا وأمتي أول من يجيزها، ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم» رواه البخاري. .الجنة والنار: وشرعًا: الدار التي أعدها الله في الآخرة للمتقين. والنار لغة: معروفة. وشرعًا: الدار التي أعدها الله في الآخرة للكافرين. وهما مخلوقتان الآن لقوله تعالى في الجنة: {أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}. وفي النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين}. والإعداد: التهيئة. ولقوله صلى الله عليه وسلم حين صلى صلاة الكسوف: «إني رأيت الجنة فتناولت منها عنقودًا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا، ورأيت النار فلم أر كاليوم منظرًا قط أفظع» متفق عليه. والجنة والنار لا تفنيان لقوله: {جَزَاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}. والآيات في تأبيد الخلود في الجنة كثيرة وأما في النار فذكر في ثلاثة مواضع في النساء {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}.وفي الأحزاب:{إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}.وفي الجن:{وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا}. وقال الله تعالى: {إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذَابِ جَهَنَّمَ خَالِدُونَ لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ}. .مكان الجنة والنار: والنار في أسفل سافلين لقوله تعالى: {كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ}. وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث البراء بن عازب السابق: «فيقول الله تعالى: اكتبوا كتاب عبدي في سجين في الأرض السفلى». .أهل الجنة وأهل النار: وأهل النار كل كافر شقي، قال الله تعالى في النار: {أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ}. {فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ}. .ذبح الموت: .فصل في حقوق النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: وأفضل الرسل أولوا العزم منهم، وهم خمسة: نوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد عليهم الصلوات من الله والتسليم، وقد ذكرهم الله في موضعين من كتابه في (الأحزاب): {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَم}. وفي (الشورى): {شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى}. وأفضلهم محمد صلى الله عليه وسلم؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «أنا سيد الناس يوم القيامة» متفق عليه، وصلاتهم خلفه ليلة المعراج وغير ذلك من الأدلة. ثم إبراهيم؛ لأنه أبو الأنبياء وملته أصل الملل، ثم موسى؛ لأنه أفضل أنبياء بني إسرائيل وشريعته أصل شرائعهم، ثم نوح وعيسى لا يجزم بالمفاضلة بينهما لأن لكل منهما مزية. |